أصبحت قضية المياه جزءًا لا يتجزأ من الأمن القومى لأى دولة من الدول بحسبان أن المياه مصدر أساسى لحياة أفرادها وأحد عواملها الأساسية لنمو اقتصادها، غير أنها باتت تشكل أهمية قصوى للدولة المصرية باعتبار أن نهر النيل هو المصدر الرئيسى بل والوحيد للمياه فى مصر، وذلك نتيجة لطبيعة مصر المُناخية والجغرافية والجيولوجية التى جعلت مصادر المياه الأخرى فى مقارنة غير متكافئة مع مياه النيل، ولما كان تقدير كميات المياه المتاحة أقل من الاحتياجات المطلوبة فقد ترتب على ذلك زيادة الفجوة فى مياه ذلك النهر بين العرض والطلب. لذا، بات من الضرورى تسليط الضوء على خطورة التحديات التى تواجه مصر فى حمايتها لنهر النيل من التعديات على مياهه وتلويثها واستنزاف مواردها، وهو ما يستلزم تكريس هذه الحماية وتفعيلها سواء من الناحية الدستورية أو التشريعية أو القضائية لتحقيق الاستخدام الأمثل لها، والحرص على كل قطرة مياه من هذا النهر حفاظًا على الأمن المائى كرافد جوهرى للأمن القومى المصرى، وهو ما يتطلب قدرًا أكبر من الحماية القضائية لتحقيق العدالة السريعة والناجزة والرادعة لتخلق بذلك حماية متكاملة فى ظل المسئولية المشتركة للدولة ومواطنيها على حد السواء بما يضمن حق الأجيال القادمة فى مياه ذلك النهر الخالد .